كيف أدافع عن نفسي وأحافظ على حياتي ولا أكون وغدا ولا خسيسا ولا معرضا في آن؟

دة منقول من منشور أنا كتبته على الفيس بوك وحابب أنشرها هنا كوبي بست من باب الجدال حواليها، لأنني بتعرض لمواقف متكررة من قبل الكيوت المدافعين عن قيم الحق والجمال والحرية والديمقراطية بكون فيها متهم بالفاشية وبالتعريص بسبب موقفي من النظام الحاكم زي ما أنا هوضح تحت + إن أنا إسلاموفوبيك ضد أي ديمقراطية تمكن هؤلاء الإسلامجية من السلطة.

اللي أنا شايفه أن مصر مسيطرة عليها قوتان لا ثالث لهما: الجيش بأكلمه بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي وهو الفارض للأمر الواقع على البلاد من جهة، والإسلامجية بكافة جماعاتهم وفصائلهم، ودول القوة الوحيدة المهيمنة أيديولوجيا على الأغلبية العظمى الشعب المصري - بدون مبالغة

وعلى ذكر الإسلام السياسي فانا حابب أؤكد للمرة المليون أن - شئنا أم أبينا - أغلبية الشعب المصري - أو أي شعب عربي - هواه إسلاموي مؤيد عن كل وعي وإصرار لمشاريع الإسلام السياسي ونموذجهم الشمولي في الهيمنة الشمولية على كافة مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية من غرف النوم الخاصة بالأفراد ونمط حياتهم الشخصي من مأكل ومشرب وممارسة كافة أشكال الهندسة الاجتماعية للأفراد لغاية بقى العلاقات الخارجية ومشاريع الجهاد العالمية لإعلاء كلمة اللورد. هو مش جاهل ولا مغيب عن مخاطر أو جرائم أو بلاوي الإسلام السياسي كما نراها - نحن العلمانيين -، بل هو أصلا مش طايقنا ولا يشتركون معنا في إشكاليتنا مع الإسلام السياسي. أيوة هو عاجبه كل بلاوي الإسلام السياسي من إقصاء وقتل للمخالف وتجريم كثير جدا من الأنشطة الإنسانية المعروفة لأنها حرام، لدرجة أن حتى أغلب اللي بيشتغل شغلانة حرام منهم بيتمنى أن الشريعة تتطبق عليه فمعندهوش مانع إنه يفقد وظيفته في حالة لو حكموا. دة باختصار شديد الحقيقة المرة اللي أغلبية المثقفين العلمانيين بينكروها

لكن إذا كنت بعاني من مصائب وحماقات النظام الحالي ومتضرر ماديا ومعنويا منه، فعلشان أنا راجل صايع كافر فاجر كل تفاصيل حياتي اللي بستمتع بيها عبارة عن محرمات (دة لو استثنينا الأكل والشرب)، فلو الحياة تحت ظل حكم عبد الفتاح السيسي خرابة فحياتي تحت حكم الإسلام السياسي معناه ببساطة فقدان كل حرياتي الفردية القليلة اللي بنعم بيها وبالتالي دمار لنمط حياتي تماما وبالكامل، دة إن مكنش تهديد حياتي أو فقدان رقبتي بسبب كلمتين بكتبهم هنا على صفحتي الشخصية أو تعليق على منشور لشخص آخر بحجة الردة. حرياتي الفردية في ممارسة المعاصي لا أقبل أن تكون محل مساومة تحت أي ظرف ومستعد أشيل سلاح وأخرج على النظام من أجلها. ومن هنا سبب عدائي المطلق تجاه الإسلام السياسي

ومن هنا علشان أدافع عن نفسي وعن مصالحي الشخصية أنا مضطر أنحاز لأي خصم غير الإسلام السياسي، حتى لو كان الخصم دة هو الشيطان ذات نفسه. ودة بينطبق فعليا على النظام السيسي اللي هو من بداية ظهوره هو بيمارس كافة أشكال القمع والبطش والاعتقالات التعسفية تجاه كافة الخلق، وعارف كويس أن كافة سياساته الاقتصادية هي سياسات إفقار متعمدة وتوريط في ديون قبل ما تكون سياسات نهضوية فاشلة آذتني شخصيا زي ما أذت غيري. ناهيك عن إنه هو اللي حواليه محافظين دراويش أبناء بيئتهم المتدينة بطبعهم بيبيعوا سبح، فعارف حق اليقين إن القائمين على الحكم أشرار وفشلة وفيهم كل العبر.

لكن علشان البديل الحتمي هو الإسلام السياسي، ولأنني ضعيف لا أقدر على مجابهة أي منهم بالسلاح ولا حشد 100 نفر في صفي وأكون ميليشيا، وفقير لدرجة أنني لا أستطيع الهجرة إلى أي بلد تناسبني وتحمي نمط حياتي وحرياتي الفردية (علشان بس محدش يصدعني ويقولي هاجر)، لا أملك إلا أن أدوس على ضميري وأؤيد النظام الحاكم بكل انتهازية ودة تأييد نابع من مصلحتي الشخصية اللي أنا بغلبها على الصالح العام. فأنا لسة بشوفه أقل الشرين بل وأقل من كل السيناريوهات المحتملة، حتى في ذهن الناشط السياسي الكيوت المرهف الإحساس المدافع عن الحق والخير واللي بيتشدق بالديمقراطية وفتح المجال العام وترك الشعوب حرية اختيار من يمثلها.

الديمقراطية وفتح المجال العام أمام الأوباش من أغلبية الشعب المصري لهو أخطر على رقابي من السيسي وأجهزته الأمنية- للمرة المليون، الشعب المصري هواه إسلاموي فلمجرد تركه لاختيار نظامه السياسي دة معناه ببساطة شديدة إقامة نظام يحكم بالشريعة - ديمقراطية كتلك مهياش مستدامة، لأن ببساطة سهل جدا واحد إسلامجي ينصب الشريعة ياخد السلم وراه ويجرم إنشاء أي حزب علماني غير إسلاموي لأنه هيكون مخالف لدستور الدولة (واللي هتكون هي الشريعة ساعتها وطبعا معروف موقف الشريعة من العلمانيين عموما)، وكله بالديمقراطية وبرضى الأغلبية يا حبيبي. - حتى لو مش بياخدوا السلم وراهم ويقصوا خصومهم بيها، فواقع الحال أن الإسلاميين هيظلوا مهيمنين على المجال العام وأن رهان العلمانيين على تغيير الوعي الجمعي رهان فاشل بامتياز، ودة لأنها بمثابة ترويج لبضاعة لناس يكرهونها من الأساس. الواعي منهم قبل الجاهل هيختار أن يتم حكمه بالشريعة حتى لو كان أكثر الناس فجرا وفسوقا وتحررا. وحتى لو عولنا على تغيير الوعي الجمعي فمعروف على أنها عملية بطيئة وبتبقى بمئات السنين قياسا على تجارب الدول الأخرى وأنا فاضلي 30 سنة بالكتير وأموت فمش فاضي أستنى 100 سنة. أنا عايز أحفظ حياتي ورقبتي يا ناس.

وبعدين أنا مش فاهم ليه كثير من العلمانيين والمثقفين العلمانيين مصرين على إنها مشكلة وعي زائف وغسيل مخ بيتملك شعوب بأكملها يمكن حلها بالتثقيف والتوعية، مع إن الموضوع أبسط بكتير ومش محتاج تتفذلك علشان تعرفها؟- هل هما حرفيا بهائم وإحنا أدرى من أنفسهم برغباتهم وتطلعاتهم؟ مش فاهم هتوعيهم بإيه؟ هل أنت وصي على ميولهم ورغباتهم؟ أنت عامل زي اللي بيحذر المدخن بأضرار التدخين، وفي نفس الوقت عنده وعي بمخاطرها ودماغه عاجبه كدة بل كمان مستعد للتضحية بحياته من أجل نفس دخان.- وبعدين إيه أضرار الحكم الثيوقراطي الديني اللي أنت حابب تقنعه بيها؟ هل شايفها بتؤدي إلى انقسامات وحروب طائفية داخل مجتمع متجانس دينيا أكتر من 90% منهم مسلمين سنة؟ هل أنتوا لسة بترددوا الأسطوانة القديمة المشروخة بتاعة التقدم وعلاقتها بأيديولوجية النظام السياسي (واللي هي ممكنة تحت ظل أي نظام سياسي حتى لو كان شمولي قمعي كالنظام الصيني)؟ ولا بتخوفه مصادرة كافة الحريات الفردية اللي هو مش مهتم بيها ولا عايزها تبقى موجودة؟

اللي يغيظني أكتر هو دعوات المساومة مع الإسلامجية وإيجاد أرضية مشتركة تجمعني معهم. دول يا بهوات أقوى قوة مهيمنة على أغلبية المجتمع، هيساوموا مع مين؟ خصومهم من العلمانيين كله على بعضه مش بيتعدوا 30 ألف، اللي هما عدد زائري مكتب بريد منيا القمح يقدر يستقبلهم في أسبوع، فمش فاهم إيه اللي يخلي العلمانيين يجبروا الإسلامجية على مساومتهم؟ الإسلامجية هيستفيدوا إيه في المقابل؟ هل هيعولوا على ضمير الإسلامجية اللي هو أصلا بيوجعهم لما يتحاوروا مع اللي شايفهم مرتدين وحاكمين بالقانون الوضعي ويقدموا تنازلات عن شرع ربونا إرضاء لأهواء البشر؟ هل العلمانجية أصلا في موضع قوة ويقدروا يحشدوا 100 واحد ويكونوا ميليشيا مسلحة أو يحشدوا رأي عام تفرض إرادتها بالقوة على غرار الجماعات الإسلامية النجسة منذ الثمانينيات، فيجبروا الإسلامجية على المساومة معهم حقنا للدماء؟ هل هما مسيطرين على مقاليد الحكم أصلا؟ وبعدين لو هننزل للتنظير، فهل يوجد أصلا أرضية مشتركة تحفظ لي حريتي الفردية ويحفظ له حرية ممارسة دينه كما يراه؟ وبعدين إيه اللي الحد الأدنى من التنازلات اللي المفروض أنا شخصيا أقدمها للإسلامجي علشان يحفظ رقبتي وحرياتي الفردية من غير ما أقدم رقبتي له على طبق من فضة أو أتنازل طوعا عن كامل هواياتي ورغباتي امتثالا لشريعته اللي فارضها أو أجبر على الإسلام - مثلا - خوفا من بطشه؟

وكل دة يخليني أقول الحد الأدنى من الحياة الكريمة اللي أنا مرضي عنها لا يمكن إلا بإقصاء الإسلامجية تماما حتى لو دة معناه البطش بهم واستعمال العنف ضدهم. مفيش جدوى في التعويل على تغيير الوعي العام وتحريضه أيديولوجيا ضد الإسلامجية ولا يوجد حد أدنى من الأرضية المشتركة تخليني أتعايش مع أمثال هؤلاء الأوباش، فالصراع معهم صراع صفري تماما. فلا أرى أي حل سوى تأييد النظام الحالي بكل علاته وبطشه وفساده وإجرامه. هو دة الخيار الوحيد العملي اللي قدامي.

لذلك السؤال الأكثر أهمية: إزاي أدافع عن نفسي وعن حرياتي الفردية من غير ما أكون شرير ومعرص لشرار الخلق وانتهازي أدوس على ضميري وغيري وعلى الصالح العام في سبيل حفظ حياتي وكراماتي والمساحة المتبقية من حرياتي الفردية؟